طعن دستوري رقم 24لسنة 59 ق بشأن عدم دستورية القانون رقم 36 لسنة2012 بشأن وضع
تنزيل نسخة Pdf
بسم اللّه الرحمن الرحيم
لـــيبيـــا
باسم الشعب
المحكمة العليا
دوائر المحكمة مجتمعة
بجلستها المنعقدة علنا صباح يوم الاثنين 20صفر 1424هـ الموافق 23.12.2013بمقر ة المحكمة العليا بمدينة طرابلس .
برئاسة المستشار الأستاذ : يوسف مولود الحنيش
وعضويه المستشارين الأساتذة :
محمد إبراهيم الورفلي عزام علي الديب
صالح عبد القادر الصغير فوزي خليفة العابد
عبد السلام امحمد بحيح المبروك عبدالله الفاخري
د. سعد سالم العسبلي د.حميد محمد القماطي
فرج أحمد معروف علي عمران التواتي
د. نور الدين علي العكرمي بشير سعد الزياني
وبحضور المحامي العام بنيابة النقض الأستاذ :
أحمد الطاهر النعاس
وأمين سرّالجلسة السيد: أسامة علي المدهوني
أصدرت الحكم الآتي
الطعن الدستوري رقم24/59ق
المقدم من:
1-عمار المبروك الطيـف
2- ليلى إبراهيم الرعوبي
3-شيراد عمار المبــوك
4-فراس عمار المبــروك
5-صاليحة عمار المبـوك
6-ساره عمار المبـروك
7-ليث عمار المبــروك
(ويمثلهم المحامي/ عبدالمجيد محمد الميت}
ضــد:
1- السيد رئيس المؤتمر الوطني العام بصفتــــه .
2- السيد رئيس الحكومة المؤقتة بصفتــــــــــــه.
3- السادة أعضاء مجلس الوزراء للحكومة المؤقتة بصفتهم.
4- السيد وزير العدل بالحكومة المؤقتة بصفتــه.
(وتنوب عنهم/ إدارة القضايا)
عن القانون رقم 36/2012م بشأن إدارة أموا ل وممتلكات بعض الأشخاص المعدل بالقانون رقم 47/لسنة 2012م
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص وسماع المرافعة الشفوية ورأي نيابة النقض وبعد المداولة.
الوقــائــــــــــــــــــــــــــُـع
أقام الطاعنون دعواهم طالبين الحكم بعدم دستورية القانون رقم 36لسنة 2012 بشأن إدارة أموال وممتلكات بعض الأشخاص وتعديلاته، وطلبوا وقف نفاذ القانون المطعون فيه إلى حين الفصل في موضوع الطعن.
الإجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــراءات
صدر القانون محل الطعن بتاريخ 12/5/2012 م ويعمل به من تاريخ صدوره وتم تعديله بتاريخ 3/6/2012م بموجب القانون رقم 47لسنة 2012م، وبتاريخ14/8/2012م قرر محامي الطاعنين الطعن على القانون المذكور لدى قلم كتاب المحكمة العليا، وسدد الرسم وأودع الكفالة ومذكرة بأسباب الطعن وسندات وكالته التي تخوله هذا الحق ، وأودع بتاريخ 15/8/2012م أصل التقرير بالطعن معلنا إلى المطعون ضدهم بالتاريخ ذاته عن طريق إدارة القضايا .
وبتاريخ 10/9/2012 ولدى القلم ذاته، أودعت إدارة القضايا عن طريق أحد أعضائها مذكرة بدفاعها عن المطعون ضدهم ، دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة بالنظر في دستورية القانون المطعون فيه لأنه يتعلق بأعمال السيادة وانتهت إلى طلب رفض الطعن موضوعا والزام الطاعنين بالمصاريف.
وحددت جلسة12/11/2013 لنظر الدعوى، وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص ، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق ، ونظرت الدعوى على النحو المبين بحضر الجلسة، وحجزت للحكم بجلسة اليوم .
الأســــــبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فإنه يكون مقبلا شكلا .
وحيث ينعى الطاعنون على القانون المطعون فيه بعدم الدستورية للأسباب الأتية:-
أولاً: خالف نص المادة 16 من الإعلان الدستوري الصادر في 3/8/2011م والذي ينص على أن "الملكية الخاصة مصونة ولا يمنع المالك من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون......" وتتمثل أوجه مخالفة القانون للنص الدستوري فيما يلي:-
1) سلب المالك حقه في حيازة أمواله وممتلكاته وإدارتها عندما نص في المادة الثالثة منه، بأن يتولى الحارس العام تسلم الأموال وجردها وإدارتها ، وهو نزع لملكية المالك وغل يده عن التصرف في ملكه ، وقد يصل الأمر إلى حرمانه منه ومصادرته ، وهو مالا، يجوز وفقا لما نص عليه الإعلان الدستوري .
2) منح الحارس حق التصالح مع خصوم المالك وأن ينزل عن ديونه عليهم كلها أو بعضا دون الحصول على موافقته، وهو حرمان صريح له من حقه في التصرف في أمواله ، ونزع لملكيته دون وجه حق .
3) سلب المالك حقه في التقاضي برفع الدعاوى ومتابعتها ، وأفقده أهليته في ذلك ، وأعطى الحق فيه للحارس ، مخالفا ما نصت عليه المادة 33من الإعلان الدستوري ، والتي تقضي بأن حق التقاضي مصون ومكفول للناس كافة ، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه.
4) سلب إدارة المالك وحقوقه وحريته وأفقده أهليته القانونية ، وكأنه من المعتوهين أو القصر أو السفهاء ، وذلك بتقرير الحجز عليه دون حكم قضائي ، وبدون اتخاذ الإجراءات المقررة في هذا الشأن.
ثانيا: خالف نص المادة الألى من الإعلان الدستوري الذي يقضي بأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع ، والتي تقضي ان تكون للزوجة والأبناء البالغين ذمم مالية مستقلة لا يجوز المساس بها بحكم العلاقة التي تربطهم بالزوج أو الأب بعقوبات أو تدابير ، عملا بقول الله تعالى في الآية الخامسة عشر ة من سورة الإسراء " ولا تزر وازرة وزر أخرى ، وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا".
ثالثا: خالف المادة 31 الإعلان الدستوري الذي يقضي بان لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ،والمتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة تكفل له فيها جميع الضمانات الضرورية تكفل بت الدفاع عن نفسه ،ولكل مواطن حق اللجوء إلى القضاء، ومؤدى ذلك أن لا يؤخذ الابن بجريرة أبيه ولا الزوج بجريرة زوجه، لأن لكل منهم شخصية وذمة مالية مستقله، وقد ادرج اسم الطاعن ضمن قائمة المشمولين بالحراسة دون بيان سبب ذلك ، وماهي الجرائم المسندة إليه، ودون تقديمه للمحاكمة وصدور حكم بإدانته، وقد شمل القانون بإجراءات الحراسة الزوجة والأبناء، وبذلك يكون قد عاقبهم دون ذنب جنوه، وخالف القانون أيضا قاعدة عدم سريان القوانين الجنائية على الماضي عندما نص في المادة السابعة على أن يقع باطلا ولا يحتج بت على أية جهة كانت كل تصرف وقع منذ الأول من فبراير 2011 وحتى تاريخ نفاذ القانون على الأموال والممتلكات للأشخاص المشمولين بأحكام هذا القانون ، ونصّ في مادته الثانية عشرة على أنه يجوز لوزير العدل أن يرفض قبول أي اتفاق بنقل الملكية على سبيل التبرع أو أي عقد من عقود المعاوضة يكون من شأنه إخفاء الأموال عن حراسة أيا كان تاريخ إبرام الاتّفاق أو العقد .
رابعاً: إن القانون المطعون بعدم دستوريته وضع الطاعن في قائمة المشمولين بالحراسة اعتادا على شبهات وظنون ،مخالفا ما أستقر عليه من أن الأحكام الجنائية تبنى على اليقين وليس على الظن والاحتمال ، فالطاعن تقلد مناصب مدنية لا علاقة لها بأي جهات عسكرية أو أمنية ، وكان أخرها وزارة السياحة حيث عمل على تطوير السياحة في ليبيا، وزوجته كانت تشتغل بالتدريس ، وابنه ليث يملك حصة على الشيوع في مزرعة أشقا، وابنه فراس يملك شقة ، وابنته ساره تملك حصة على الشيوع مع أشقائها ،وبالتالي فإن أملاك الأسرة لا ترقى إلى الثراء الفاحش ، أو تشكل جريمة الربح غير المشروع ، ومن ثم فإن الضوابط التي أوردها القانون المطعون فيه لوضع أموال الأشخاص تحت الحراسة لا تنطبق على الطاعنين، مما يصم القانون رقم 36لسنة 2012م والقانون رقم 47لسنة 2012بتعديله بعدم الدستورية، وأنتهى الطاعنون إلى طلب وقف تنفيذ القانون في حقهم ، والحكم بدستوريتهما، وإلزام المطعون ضدهم المصاريف.
وحيث إنه من المقرر أن أعمال السيادة المحظور النظر فيها طبقا لنص المادة 20 من قانون نظام القضاء والمادة 26 من قانون رقم 6لسنة 1982 م بإعادة تنظيم المحكمة العليا هي تلك الأعمال التي تتصل بالسياسة العليا للدولة ، وتدخل فيها الإجراءات التي تتخذها للمحافظة على سيادته وكيانها في الداخل والخارج، وتشمل العلاقات السياسية بالدول الأخرى والمسائل الحربية وإعلان الأحكام العرفية وحالة الطوارئ ، أما ما يصدر عن الدولة من تشريعات تحد من حق الملكية واستعماله والتصرف مدة محدودة ولضرورة معينة لتحقيق مصلحة عامة أو دفع مفسدة تهدد تلك المصلحة أو تنال منها على نحو ما ورد في القانون محل الطعن وتعديله المشار إليهما فلا يرقى إلى مرتبة أعمال السيادة التي يمتنع على المحاكم النظر فيها ، ولو كان المشروع قد أتجه إلى أن تلك الأعمال من أعمال السيادة لما نص في المادة الثانية من القانون رقم 47 لسنة 2012 م على أن لذوي الشأن الطعن في إخضاع أموالهم وممتلكاتهم للحراسة أمام المحكمة المختصة وفقا للقواعد المقررة قانونا ، بما لا يكون معه فرض الحراسة بموجب القانون الذكور وتعديله من أعمال السيادة تلك الأعمال هي استثناء على الولاية المطلقة للقضاء في نظر المنازعات يجب أن تقدر بقدرها ولا يجوز عرضه على القضاء ، وينعقد الاختصاص لهذه المحكمة بنظر هذا الطعن .
وحيث إن الحراسة وفقا لمقتضى نص القانون رقم 36 لسنة 2012 والقانون المعدل له ليست عقوبة مصادرة ولا نزعا للمال أو الممتلك من ملك صاحبه أو حرمانا له منه ، بل هي إجراء مؤقت يرتبط بضرورة دعت إليه وينتهي بانتهائها ، وتوضع بموجبه أموال وممتلكات يشتبه في مشروعية مصدرها وينشئ فترة ريبة لا يعتد خلاله بالتصرفات التي يقوم بها من وضعت أموالهم تحت الحراسة، ولا سبيل للتحقق من تلك المشروعية واتقاء استعمال تلك الأموال والممتلكات في الإخلال بالمصالح العليا للدولة إلا بوضعها تحت يد حارس عام ويغل أيادي أصحابها ومن يتبعونهم من أزواج وأبناء يشاركونهم الاستفادة منها عن التصرف فيها وتبديدها، ويعمل النظر فيما أجري عليها منذ بدء فترة الريبة من تصرفات قد تهدف إلى إبعادها عن رقابة الدولة والحيلولة دون إعادتها –متى بان فساد مصدرها – إلى ذي الحق فيها، ولكي تأمن البلاد شر استعمالها فيما يهدد أمنها واستقرارها ، فإذا ما تحققت مشروعية مصدرها وانحسرت عنها وعن أصحابها مظنة استعمالها فيما يؤذي الجماعة أعيدت إليهم بغلتها بعد استنزال مصروفات حفظها، وإدارتها طبقا لأحكام القانون المطعون بعدم دستوريته، وهي على نحو ما وردت أحكامها في ذلك القانون هو إجراء لا يعارض أحكام الشريعة الإسلامية التي تحرص على صون المال الحلال ، وتعاقب بالقطع حدا على سارقه وتأمر بإعادته إلى ذي الحق فيه، وتعمل على تحقيق مصلحة الجماعة، وحماية مال المسلمين، وتحقيق أمنهم وحقن دمائهم، وحفظ دينهم وأعراضهم مما يبيح لولي الأمر –بل ويوجب عليه إذا ما أقتضى الأمر تحقيق تلك المقاصد – التدخل لتحقيقها ووضع كافة التدابير اللازمة لدرء الأخطار عنها، وليس فيه مؤاخذة للابن بجريرة أبيه ولا للزوج بذنب زوجه لأن القيد وارد في القانون على المال المشبوه أياً كان مالكه أو واضع اليد عليه، ولا عدوان فيه على حق الملكية المصونة هي تلك الناتجة عن مصدر حلال ، فإذا ما ارتفع عنها ذلك الحل ، وتبين أنها ترد على مال استولى عليه من مالكه الأصلي فردا كان أو جماعة، ودرء أي مفسدة تعود منه عليه أو على غيره، وإذا ما أسفرت الإجراءات التنفيذية للقانون المعني عن مشروعية المال وعدم تهديده لمصالح الوطن والمواطن رفعت عنه الحراسة لانتفاء علتها، وعاد إلى من غلت يده عن إدارته والتصرف فيه ، ولا ينال من ذلك النص في المادة الثالثة من القانون رقم 36لسنة2012م الذكر على أن للحارس العام" أن يعطي المخالصات وأن يبيع ما كان قابلا للتلف كليا أو جزئيا أو الاموال التي تكون التي تكون نفقات المحافظة عليها باهظة.........وأن يتصالح أو ينزل عن الديون كلها أو بعضها وله حق التقاضي باسم المشمولين بهذا القانون باعتباره نائبا عنهم "لأن تلك الصلاحيات الممنوحة للحارس إنما تهدف إلى حفظ المال وصيانته وحفظ وأداء حقوق الغير عليه حتى لا يصبح فرض الحراسة على المال وبالاً على أولئك الغير ، وأن حق الحارس في البيع محدد بالمال القابل للتلف والمال الّذي تكون نفقات حفظه باهظة فهو إجراء يتم لصالح صاحب المال حتى لا يهلك وترجع تبعاته عليه، أو تستغرق نفقات المحافظة عليه قيمته، ولا محل للقول بخرق القانون لمبدأ عدم رجعية القوانين الجنائية على الماضي، ذلك أنه فيما يتعلق بوضع الاموال والممتلكات تحت الحراسة وإعطاء منفذيه صلاحية عدم الاعتداد بتصرفات تمت أثناء الفترة المحددة فيه، لم يجرم أفعالا ولم يضع لها عقوبات جنائية، وإنما تضمن إجراءات تحفظية بغرض المحافظة على الأموال والممتلكات حتى لا يتم تهريبها أو تبديدها وحرمان صاحب الحق الأصيل فيها منها واتقاء لاستعماله فيما يضر بمصالح البلاد، وما ورد من تجريم وعقاب في المادة الثالثة والعشرين منه، إنما انصبّ على أفعال تالية لتاريخ نفاذه، كما أن القانون رقم 47/2012 م محل الطعن قد أعطى في مادته الثانية لذوي الشأن الحق الطعن في إخضاع أموالهم وممتلكاتهم للحراسة أمام المحكمة المختصة وفقا للقواعد العامة المقررة قانونا، ولا يكون بذلك قد حرم المذكورين من اللجوء إلى القضاء، أما ما أثاره الطاعنون حول تطبيق القانون عليهم رغم عدم انطباقه في حقهم وبناء على شبهات لا ترقى إلى مرتبة الدليل فهو قول محله الطعن في ذلك أمام المحكمة المختصة على نحو ما سلف بيانه ، ولا يصلح سببا للطعن بعدم الدستورية، وتغدو مناعي الطاعنون جميعا في غير محلها .
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن الطعن يكون غير قائم على أساس ، بما يتعين معه رفضه.
فلـــــــــــــهـــــــذه الأســـــــــــــــــباب
حكمت المحكمة:-
قبول الطعن شكلا.
وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعنين المصاريف
المستشارون:-
1. يوسف مولود الحنيش 2. محمد إبراهيم الورفلي
3. عزام علي الديب 4. صالح عبد القادر الصغير
5. فوزي خليفه العابد 6. عبدالسلام امحمد بحيح
7. المبروك عبدالله الفاخري 8. د/ سعد علي العبسلي
9. د/حميد محمد القماطي 10. فرج أحمد معرف
11. علي عمرا التوتي 12. د/نورالدين علي العكرمي
13. بشير سعد الزياني
أمين سر الجلسة أسامة علي المدهوني
ملاحظة/ نطق بهذا الحكم من الدائرة المشكلة من الأساتذة: كمال دهان رئيسا- يوسف الحنيش – محمد الورفلي – المقطوف إشكال – عزام الديب – صالح الصغير – فوزي العابد – عبدالسلام بحيح – المبروك الفاخري – د/سعد العبسلي - د/حميد القماطي – فرج معروف – د/نورالدين العكرمي.